Search
Close this search box.
Ferragamo web banner

في اليوم العالمي للصحة النفسية.. د. مصطفى النحاس يحدث ELLE عن وسائل التواصل الاجتماعي والسلام النفسي

د. مصطفى النحاس عن تأثير مواقع التواصل الإجتماعي، إضطرابات الشخصية والحفاظ على التوازن النفسي

world mental health day
Dr. Mostafa El Nahas

مع زيادة الوعي في السنوات الأخيرة بالصحة النفسية وزيادة الاهتمام بالمرض النفسي وإدراك خطورته التي لا تقل عن خطورة المرض العضوي، بدأ الكثير في إدراك مدى تأثير الأشياء والأشخاص المحيطين على صحتهم وسلامهم النفسي. قد تبدو مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للترفيه عن النفس وملء أوقات الفراغ، ويستغرق البعض الكثير من الوقت لإدراك الرابط بينها وبين المشاعر السلبية التي يمرون بها، وكذلك في الأصدقاء والأهل والبيئة المحيطة بشكل عام التي لا ندرك احيانا كم هي تؤذينا إلا بعد أن يكون أثر الجرح عميق يصعب شفاؤه. 

في اليوم العالمي للصحة النفسية، يجلس محررو ELLE  مع الطبيب النفسي الشهير والبارع  د. مصطفى النحاس للحديث عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، والمفاهيم المغلوطة حول الأمراض النفسية، وسبل الحفاظ على السلام النفسي.  

س: مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزء لا يتجزء من حياتنا اليومية، كيف يمكن للشخص الوصول للوعي الكافي ليدرك الفارق بين الحياة الافتراضية (والتي تصيب الكثير بيننا بالإحباط) والحياة الواقعية المليئة بالتقلبات؟ 

ج: يمنحنا النضج الكافي الوعي بفكرة عدم ثبات المشاعر، إذ أن جميع مشاعرنا مؤقتة، مهما كانت عميقة أو مؤلمة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الصورة المثالية التي يقدمها الآخرون على وسائل التواصل الاجتماعي في الإحباط، حيث تُظهر جوانب مُنمقة للحياة دون مشاركة الأجزاء المكسورة. إدراك هذا الفارق يمثل نضجًا ووعيًا بالمشاعر المتقلبة، ويدعو للتخلي عن فكرة “الإيجابية السامة،” التي تدفعنا للاعتقاد بأننا يجب أن نعيش سعادة أبدية، كما تضعنا تحت ضغط الوصول إلى الكمال والمثالية وهو أمر شبه مستحيل.

س: كيف ندرك أننا نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ك “مسكنات نفسية؟” 

المسكنات النفسية تُستخدم عادة لإطفاء أصوات مشاعرنا السلبية أو للتخلص من الأفكار السلبية المتراكمة، إذا وجدت نفسك تهرب إلى الهاتف وتتصفح لفترات طويلة، أو تفرط في فترات نومك دون الحاجة أو حتى تحاول الالتهاء في ألعاب الفيديو دون أن تشعر بارتياح أو تحسن فيما بعد، فقد يكون ذلك علامة على أنك تلجأ لهذه الحيل كوسيلة للتخدير، للهرب من المشاعر السلبية والمشاكل التي نحاول تجنبها.

س: الكمال أو المثالية هي خدعة، سراب نسعى خلفه. هنا يكمن سؤالنا: كيف يتصالح الإنسان مع الأجزاء الناقصة في حياته؟

ج: إن البحث عن الكمال ومطاردة المثالية هي آفة من آفات عصرنا، وتؤدي إلى مقارنة مستمرة مع الآخرين، كما تعيقنا عن تحقيق أي تطور في حياتنا فنقف مشلولين دون حركة. ينبغي علينا أن نقبل أنفسنا كما نحن، مع إدراك أن قيمتنا لا تتعلق فقط بالإنجازات، فقيمة الإنسان لا تنبع من انجازاته في الحياة، بل تتجلى في وجوده، تأتي انجازاتنا ونجاحاتنا بعد ذلك. وعندما نتقبل نواقصنا ونفهم أننا بشر نواجه صعوبات، نمر بتقلبات كثيرة على الطريق، غير معصومين من الأخطاء، حينها فقط نبدأ في التحسن والتصالح مع الذات.

س: كيف يمكن للناس التصالح مع مشاعر عدم الثقة بالنفس التي تتفاقم مع التعرض لنوعية معينة من المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي؟ 

ج: جميع البشر بمختلف مراحلهم يحملون درجة معينة من عدم الأمان أو ما نسميه في يومنا هذا “insecurities”، ومن المهم أن نعترف بهذا الشعور دون أحكام أو لوم أو خجل أو حتى الاستهانة به، تقبل الذات والاستبصار بما يحدث بداخلنا هو الخطوة الأولى نحو التعامل مع هذه المشاعر بشكل أفضل. يجب أن نفهم أن شعور عدم الأمان ليس ثابتًا وحتماً ليس نهائياً، بل قابل للتغيير مع التعامل الواعي معه.

س: هل يمكن للشخص أن يشخص نفسه بأحد أنواع الاضطرابات النفسية بناءً على معلومات من الإنترنت؟

ج: كثيراً ما يميل بعض الأشخاص إلى التصور بأنهم مصابين بمرض أو اضطراب نفسي ما بمجرد أن يقرأوا عنه أو يسمعوا به، فمثلاً، أحد أشهر الأمراض النفسية “القلق” أو ما نطلق عليه anxiety، يميل أصحابها إلى الإيمان والتصديق بأنه يحمل الأعراض التي قرأ عنها للتو، لذا دائما ما ننصح مريض القلق والتوتر بعدم متابعة المحتوى الخاص بالأمراض والاضطرابات النفسية وأعراضها لأنه غالباً سيسقط تلك الأعراض على نفسه، وهذ الأمر لا يقتصر على مرضى القلق فقط، فيمكن حدوث الأمر ذاته مع مرضى الوسواس القهري لمرضى اضطراب الشخصية الهستيرية،  كما أنه من المحتمل أن يحدث بين غير المرضى ايضاً، أن يقومون بتشخيص ذاتي، وتشخيص الاصابة بمرض ما أو اضطراب ما هو أمر يجب أن يتم بواسطة طبيب نفسي مؤهل، حيث أن التشخيص الذاتي قد يكون مضللاً.

س: ما هو الفارق بين ال Psychiatrist و ال Therapist و ال Life Coach؟

ج: الطبيب النفسي “Psychiatrist” هو خريج كلية الطب الذي يتخصص في الطب النفسي، ويقوم بتشخيص المرضى ووصف العلاج، أما الأخصائي النفسي “Therapist”، فهو من يحمل شهادات في علم النفس ويقوم بإجراء جلسات علاج نفسي وهو أمر يساعد جداً في تشخيص حالة المريض، كما هو مسؤول عن إقامة جلسات علاجية فردية أو جماعية، بينما مدرب الحياة أو ال Life Coach يركز على تحسين جودة حياة الأفراد غير المرضى ممن يعانون في علاقاتهم وأعمالهم وحياتهم اليومية، ويقدم الدعم في تخطي الأزمات الحياتية.

 س: ما هي المفاهيم الخاطئة حول اضطراب الشخصية الحدية؟

ج: هذا الاضطراب يتسم بسلوكيات اندفاعية وشعور بالخواء الداخلي، يميل أصحابه إلى ارتكاب أفعال مؤذية للنفس ولديهم الاستعداد للدخول في بعض العلاقات دون وعي، ولكن لا يمكننا تشخيص كل شخص عصبي أو يعاني من تقلبات مزاجية باضطراب الشخصية الحدية، لأن هذا الاضطراب يتطلب وجود مجموعة من الأعراض بشكل متوازن عند الشخص حتى يمكن للطبيب الجزم بأنه شخص حدي.

س: كيف يميز الشخص بين التقلبات المزاجية الطبيعية واضطرابات مثل ثنائي القطب أو الشخصية الحدية؟

ج: التقلبات المزاجية موجودة لدى الجميع بدرجات مختلفة، وهذا لا يعني أنهم جميعا حديين أو مرضى ثنائي القطب على الاطلاق. فالتقلبات المزاجية موجودة عند كل البشر بدرجات، والحالة المزاجية تضطرب صعودا وهبوطا عند الشخص غير القادر على التحكم في او ادارة مشاعره، ويمكن أن تزداد تلك التقلبات عند الأفراد الحساسين أو من يحملون مشاعر سلبية متراكمة. 

س: بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، إذا صدر قرار بإطلاق حملة توعية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اشرافك، ما هو الموضوع الذي ستختار مناقشته؟ 

ج: سأختار “تدقيق المعلومات،” حيث يجب التوعية بأهمية ألا نعتمد على مصادر مجهولة أو أشخاص غير أهلة بالثقة في معلوماتنا المتعلقة بالصحة النفسية، حيث يمكن أن تسبب معلومة خاطئة أو حديث من غير متخصص أذى نفسياً كبيراً عند الناس.  

س: ما هي نصيحتك للحفاظ على السلام النفسي؟

ج: لا توجد نصيحة واحدة تناسب الجميع، لأن كل فرد لديه حالة خاصة، لكن الأهم هو إدراك الفرد لذاته واحتياجاته، يجب أن يكون الشخص أولوية في حياته، مع قبول مختلف أنواع المشاعر وعدم رفض أي منها، ذلك يساعد في الحفاظ على التوازن النفسي والسلام الداخلي.

وأخيرا، في اليوم العالمي للصحة النفسية، يوجه محررو ELLE كامل الدعم لكل من يعاني في حياته، لكل من ثقلت همومه، لكل من يصعب عليه التعبير عما يدور بداخله، ونذكر هنا المقولة المفضلة عند المحرر من رواية “قبل أن تبرد القهوة”: “تتدفق الفصول في دورة. والحياة أيضًا تمر بشتاءات صعبة. ولكن بعد كل شتاء يأتي الربيع.”

كما نتمنى لكم أن تكونوا قد استمتعتم بحديث د. النحاس كما فعلنا نحن!

مشاركة المقالة

مقالات ذات صلة

اشترك في النشرة الإخبارية المجانية للحصول على دليلك لاتجاهات الموضة ونقاط الحوار الثقافية وأخبار المشاهير والنصائح الحصرية.