شهدت صناعة مستحضرات التجميل طفرة كبيرة في الطلب على منتجات تفتيح البشرة في السنوات الأخيرة، خاصة أنها سيطرت على السوق في مصر والشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن الحملات الترويجية والمسلسلات والأفلام قد تقنعك بأن معايير الجمال عدلت عن نمطها التقليدي، إلا أنها في الواقع راسخة لا تتزعزع.
ومنتجات تفتيح البشرة هي ليست بابتكار جديد، فقد ظهرت منذ سنوات عدة، وعلى الرغم من الحملات الإعلانية المستمرة تدعو إلى تقبل الذات وحبها، إلا أن الرغبة في الحصول على بشرة أفتح وحواجب أكثر سمكًا وأنوف متناسقة وشفاه ممتلئة لا تزال سائدة، حيث نرى في جروبات النساء على مواقع التواصل الاجتماعي استفسارات كثيرة حول كريمات أو علاجات فعالة لتفتيح البشرة، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الأساسية التي تحرك هذا الاتجاه.
وتساهم عدة عوامل في تزايد الطلب على منتجات تفتيح البشرة في مصر، حيث تلعب معايير الجمال الغربية والحملات الإعلانية والنظرة السلبية للذات أدوارًا مهمة تدفع نحو الاتجاه الحالي.
معايير الجمال الغربية
غالبًا ما تميل المجتمعات الشرقية للبشرة الفاتحة، ما يدفع لعلاجات تفتيح البشرة بين النساء سعيًا لنيل إعجاب الجنس الآخر، حيث تستثمر النساء الآلاف من أجل الحصول على كريمات فعالة ظناً أنها سوف تعطيهن لون بشرة نيكول كيدمان.
الحملات الإعلانية والمؤثرين
أدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والحملات الترويجية لمُصنعين مستحضرات التجميل إلى تعزيز شعبية منتجات تفتيح البشرة بشكل كبير، حيث نرى مؤثرين التواصل الاجتماعي يشجعون على شراء بعض هذه المنتجات دون النظر إلى أضرارها.
النظرة السلبية للذات
كشفت الدراسات عن وجود علاقة بين الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب، حيث يقارن الأفراد أنفسهم بالصور المثالية. ستجعلك النماذج والمرشحات كاملة اللمعان التي تخلق الجلد الزجاجي تشعر أن هناك شيئًا خاطئًا فيك وستجعلك تتساءل لماذا لا يمكنك أن تكون مثاليًا إلى هذا الحد. غالبًا ما تؤدي هذه المقارنة إلى استثمارات كبيرة في كريمات التفتيح وعلاجات تقشير البشرة، مدفوعة بالرغبة في الحصول على لون بشرة أكثر بياضًا.
آراء النساء
للحصول على رؤى أعمق حول سبب عدم ارتياح النساء في لونهن الطبيعي، قمنا باستطلاع بين أفراد من مختلف الفئات العمرية، الأولي، هبة، 57 عاماً، تستخدم منتجات التفتيح منذ أوائل الأربعينيات من عمرها، لإيمانها بقدرتها على منع شيخوخة الجلد، وشيرين، 38 عاما، تعبر عن هوسها بـ منتجات التفتيح، وتسعى باستمرار للحصول على نتائج أفضل من خلال تجربة علامات تجارية مختلفة، “منذ أن كنت مراهقًا، كان الشباب في المدرسة يفضلون الشقراوات ذات البشرة الفاتحة على الآخرين، ولم يتغير هذا خلال فترة الجامعة ولا حتى في العمل،” وكانت آخر فتاة تدعى ياسمين، 26 عاماً، والتي كانت إجابتها الأكثر إثارة للاهتمام، “لا أعرف بالضبط سبب استخدامي لمعظم منتجات العناية بالبشرة لأنني لا أعاني من مشاكل كبيرة في بشرتي، ولكن أعتقد أن ذلك بسبب اتباع خطى الأخرين وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.”
حبِ نفسك كما هي
على الرغم من الآثار الجانبية السلبية الموثقة لمنتجات التبييض، إلا أن النساء ما زلن يتابعنها، وتهدف حملات الصناعة المتواصلة إلى إقناع النساء بأن هذه المنتجات ستجعل حياتهن أفضل، ولكن تظل الحقيقة أن الرضا الحقيقي لا يمكن العثور عليه إلا عندما يشعر المرء بالارتياح تجاه نفسه.