Search
Close this search box.
Ferragamo web banner

“جواز الصالونات” في القرن ال 21.. مع أم ضد؟

"جواز الصالونات".. مصطلح مصري قديم مازلنا نتداوله.. ولكن هل مازلنا نؤمن به؟

,
arranged marriages

لم يكن مبدأ الزواج عن حب أو التعارف دون ترتيبات مسبقة شائعا في القرون الماضية.

و باختلاف الطبقات الاجتماعية، كانت الزيجات المرتبة بالاتفاق، أو اختيار الأبوين للزيجة المناسبة لأبنائهم وبناتهم، أو ما نسميه اليوم ب “جواز الصالونات” هو المتعارف عليه في المجتمع العربي بشكل خاص وحتى المجتمع الغربي. ومن المؤكد أنك تعرف زوجين على الأقل إن لم يكن أكثر كان زواجهم “صالونات”.

ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين، لازال العديد في مجتمعنا يتجهون لهذه الطريقة في الزواج على الرغم من تكاثر الأقاويل بين مؤيد ومعارض، فالبعض يرى أنها طريقة ناجحة بينما يصف البعض الآخر زواج الصالونات ب “مشروع فاشل”. فيا ترى ما هو صواب الأمر؟، وهل يوجد أصلا صواب وخطأ مطلق في وجهات النظر بخصوص زواج الصالونات؟

الحقيقة أن كلٌ منا يعبر عن رأيه في زواج الصالونات بُناءً على تجربته الشخصية أو تجربة المحيطين به. فمثلا، من نشأ في أسرة بنيت على زيجة مُرتبة وكانت البيئة في المنزل هادئة وهناك مودة وتفاهم بين الأب والأم، لن يجد مشكلة في المبدأ، ومن الممكن أن يشجعه أو يتجه للزواج بنفس الطريقة. ومن الوارد أن تجد من يعارض زواج الصالونات بشدة لأنه نشأ في أسرة كان بها شجار دائم وأجواء محتقنة بين الأب والأم، وسيرى أن الطريقة التي تزوج بها الأبوين هي العامل الرئيسي في عدم التفاهم بينهم. الملخص أن رأينا في زواج الصالونات سلبياً أو ايجابياً تحددها على الأغلب تجربتنا الشخصية أو تأثرنا بتجارب الآخرين.

ولكن لا يمكن الجزم بأن كل الآراء في زواج الصالونات تكونت من خلال الخبرات السابقة أو معايشة تجارب الآخرين، لأن هناك الكثير ممن يعارضون زواج الصالونات لأنهم يرونه “موضة قديمة” ورجعية، ولا يتناسب مع العصر الحالي، وقبل أي سبب هو إيمانهم الشديد بأن الزواج الذي ينتُج عن علاقة حب هو الأمثل بل السبيل الوحيد إلى زواج ناجح.

لكل شيء في حياتنا سلبياته وعيوبه، وهذا أيضاً يُطبق على زواج الصالونات وحتى الزواج العصري. مثلا من ايجابيات “جواز الصالونات” حسب آراء البعض أن الأهل يختارون دائما ما هو أفضل لأبنائهم. وعند اختيار زيجة يحرصون كل الحرص أن يكون اختيارا موفقا ومناسبا، وهناك جملة شائعة في الأفلام المصرية القديمة يمكن أن نختزل بها الأمر “احنا عارفين مصلحتك فين”. ومن ناحية أخرى يرى البعض أن من عيوب زواج الصالونات هو صعوبة المعاشرة والتفاهم بين الزوجين لأن بكل بساطة عامل الحب غير موجود بالإضافة إلى عدم معرفة كل منهما طباع وسلوكيات وأسلوب حياة الآخر.

وفي سبيل البحث عن إجابة إذا ما كان “جواز الصالونات” ناجحاً أم لا، سألنا امرأتان، هُدى وزينب، وزادت اجاباتهم الأمر تعقيدا.

هُدى، في العقد الخامس من عمرها. طلبنا منها التحدث عن تجربتها مع زواج الصالونات، وكانت اجابتها: “متجوزة بقالي 30 سنة، مكنتش أعرف جوزي قبل ما نتجوز ووالدي اختاره وشافه كويس ومناسب، ومقدرش أقول إن بيننا علاقة حب بس أقدر أوصف علاقتنا أكتر بالمودة والإحترام والتعود، وبخٌص بالذكر “التعود” عشان مؤمنة بجملة قريتها مرة وحقيقي بتوصف علاقتي بجوزي “إن الإنسان بطول العمر يصبح عادة يتعذر تصور الحياة بدونها”.

زينب، أٌم رائعة لأربعة أبناء، وصفتهم ب “النور الوحيد في حياتي”، وهي كانت الجملة الوحيدة المضيئة أيضاً في تجربتها مع زواج الصالونات التي روتها علينا. تزوجت زينب في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وظلت تعاني عواقب سوء اختيار الأهل للزوج طيلة 42 عام. وعن تجربتها التي وصفتها ب “المأساة” قالت: “السنادي هتم 68 سنة، ممكن تقولوا خلاص سنين كتير عدت ومفروض تكوني تسامحتي مع الموضوع أو اتعودتي، بس أنا عمري ما هسامح أهلي على عمري اللي ضاع بسببهم، لأني قضيت حياتي كلها مع واحد مش شبهي ولا بحبه، ولا حتى هو حبني. حاولت كتير أطلب منه الطلاق بس مكنتش بوصل لحاجة ولا حتى اهلي كانوا بيدعموني. وفي الآخر رضيت بوضعي بس عشان الأولاد”.

بعد أن عشنا تجربة زينب وهدى، تسائلنا عما سيكون رأي الجيل الحالي أو ما نُطلق عليه Gen-Z حيال زواج الصالونات. سألنا ياسمين، فتاة ذات 25 عام، عن رأيها في “جواز الصالونات”. وكان ردها صداميا جدا، إذ عارضت بشدة قائلة “حتى لو مقابلتش حد احبُه طول حياتي، عمري ابداً ما هقبل اتجوز بالطريقة دي”.

يعتقد الكثير أن فكرة الزيجات المرتبة مسبقا أو “جواز الصالونات” تعود أصولها إلى الدول العربية. ولكن الحقيقة هي أن أصولها تعود غالباً إلى حضارات دول شرق آسيا، وبالتحديد في الهند، التي لاتزال إلى يومنا هذا صاحبة أعلى معدلات الزيجات المرتبة بين العائلات بمعدل 90% من إجمالي الزيجات.

جدال “جواز الصالونات” ولا “الجواز عن حب” ومناقشة المبدأين لم تقتصر فقط بين العائلات والأصدقاء، فإليكم بعض من أفلام عديدة ناقشت هذه القضية: فيلم “أنا حرة” 1959، فيلم “الوسادة الخالية” 1957، وهذا الفيلم على التحديد لم يناقش فقط فكرة “جواز الصالونات” بل عرض المبدأين من خلال قصة شيقة تختصرها جملة الأديب إحسان عبد القدوس الشهيرة: “في حياة كل منا وهم كبير اسمه الحب الأول.. حبك الأول هو حبك الأخير”، ولم يكن ممكنا أن نتحدث عن زواج الصالونات دون ذكر مسلسل هند صبري الشهير “عايزة أتجوز”، والذي تدور أحداثه حول فتاة تأخرت في سن الزواج في نظر أسرتها والمجتمع وحتى في قناعتها الشخصية، وتسرد حلقاته مختلف “العرسان” الذين يتقدمون لخطبتها.

مشاركة المقالة

مقالات ذات صلة

اشترك في النشرة الإخبارية المجانية للحصول على دليلك لاتجاهات الموضة ونقاط الحوار الثقافية وأخبار المشاهير والنصائح الحصرية.