ضمن فعاليات أسبوع القاهرة للتصميم، أقيم معرض “خمسون عام من البورتريهات السينمائية” باستوديو فوتوبيا مصر الجديدة تكريماً للمسيرة الطويلة للمصور السينمائي العريق محمد بكر، الذي بدأها عام 1956 بفيلم سمارة، ودامت لأكثر من ستين عاما صور خلالها نحو 2000 عمل أو أكثر، وضم المعرض حوالي 100 صورة من 80 فيلم.
وبمجرد أن تدب قدماك المعرض، سيغمرك شعور غريب يصعب وصفه، مزيج بين الماضي والحاضر، تسير وسط الكاميرات وآلات التصوير الحديثة، وفي الوقت ذاته تشعر وكأنك تحضر مجموعة من أفلام قديمة تحبها في صالة العرض للمرة الأولى، شعور بالدفء والحنين، يجعلك تود أن تعود بالزمن للوراء، والبقاء هناك إلى الأبد.
وتضمن المعرض كادرات من أفلام كثيرة أحببناها وما زلنا نشاهدها ولو مر عليها مائة عام، من دعاء الكروان وجمال مشاهد فاتن حمامة مع أحمد مظهر، وحتى الكيت كات، بكادرات النجم الراحل محمود عبدالعزيز الذي كان قلبه الحزين نور عينيه الضريرة طوال الفيلم، وغيره من كادرات لفاتنات السينما المصرية مثل السيندريلا سعاد حسني، ونبيلة عبيد، ونجلاء فتحي، وغيرهم من نجوم ونجمات أضاءوا الشاشة لسنوات وسنوات.
ولم يكن ممكناً أن نشهد كل هذه العظمة دون التحدث إلى مبدعها، شيخ المصورين، محمد بكر، الذي تذكر مع ELLE أيام لم تفارق الكاميرا فيها يداه..
اللحظة التي تغيرت فيها مسيرتك للأبد
يقول محمد بكر ل ELLE: “منذ أول فيلم صورته، لا استطيع الجزم أي فيلم بالذات كان الألمع في مسيرتي، لأن كل فيلم له عالمه الخاص وكادراته الخاصة، وليس من السهل المقارنة بينهم،” ويصف البعض أن فيلم “المومياء” كان من الأفلام المحورية في رحلة بكر المهنية.
دور المخرجين في حياة بكر
لدى سؤاله عن أكثر مخرج أستمتع بالعمل معه واستفاد منه، رد “كل المخرجين الذين عملت معهم عظام حقا، وأخص بالذكر حسن الإمام،” واستشهد بإبداعه واحترافيته في جميع أعماله، كما سلط الضوء على المخرج الراحل الكبير عاطف الطيب، وغير الإمام والطيب فعمل بكر مع حفنة من كبار المخرجين أمثال هنري بركات وحسام الدين مصطفى وسمير سيف وداوود عبدالسيد.
الكاميرا تلتقط الوجوه.. بجمالها المختلف
“من أكثر ممثلة استمتعت بتصويرها؟” يقول بكر: “كل فنانة كان لها بريقها الخاص، فمثلا الجميلة نبيلة عبيد كانت من الوجوه التي تستمتع وأنت تلتقط لها صوراً وهي تمثل، وغيرها كثير من الممثلاث اللواتي تمتعن ببريق لا تشبه واحة الأخرى، مثل الفنانة إسعاد يونس التي تبهجنا بخفة ظلها،” وأشار بكر إلى بورتريهات كثيرة لنجمات العصر اللواتي تعشقها الجماهير، سعاد حسني وفاتن حمامة وشادية.
كادرات النجوم
ويقول بكر عن الوجوه الرجالية التي بروزها: “كما يعرف الجميع، غالبية الأعمال التي صورتها كانت للفنان الكبير والقدير عادل إمام، وهو من أكثر الفنانين الذين استمتعت بالعمل معهم وبصحبتهم،” كما حرص بكر على ذكر عمالقة الفن الذين رأتهم عدسة كاميرته، مثل أحمد مظهر وإسماعيل يس وزكي رستم وغيرهم كثيرين..
أفلام تعتز بها
“بعتبر كل الأفلام زي أولادي، مقدرش أفضل فيهم واحد على التاني”
“ولو كنت دقيق، أفخر جداً بأفلام نجيب محفوظ بأنني عاصرتها وصورت عالمه مجسداً في قصص أفلامه، أولهم الثلاثية بالتأكيد، وأود أن أذكر بأني تمكنت من إقناع حسن الإمام بتنفيذ السكرية بعد ست سنوات من عرض قصر الشوق.” وذكر فيلم “الرصاصة لاتزال في جيبي” ضمن أكثر الأفلام التي يعتز بها في سجله.
السينما بين الماضي والحاضر
“لا نرى اليوم مثل هذه البورتريهات والكادرات لسبب بسيط جداً، أن صناع العمل لم يعودوا يهتمون بالصورة الفوتوغرافية،” فإذا نظرنا إلى الكم الهائل من الصور المعلقة في كل مكان على جدران المعرض، لن يغفل بورتريه واحد في ابهارك وأسر قلبك، أما لو نظرنا في سجل الأفلام الحديثة، لن تجد مثل الكادرات التي كنت تراها في الماضي.
خمسين عام من البورتريه السينمائي هو ليس فقط تكريم لمسيرة المصور الكبير محمد بكر، بل هو احتفاء بتراثنا الفني، وما تم عرضه لا يمثل حتى الربع، ولا يسعنا الانتظار لنري ما يحمله الارشيف..