شهدت رياضة تنس السيدات في مصر دفعة كبيرة من خلال اللاعبة ميار شريف المُصنفة الثانية على مستوى قارة إفريقيا؛ فقد حطمت اللاعبة الأولمبية البالغة من العمر 27 عامًا الرقم القياسي كأول مصرية تفوز بمباراة في إحدى بطولات (جراند سلام) وصنعت التاريخ كأول مصرية تتأهل لثماني بطولات (جراند سلام).
قابلت ELLE ميار للحصول على أدق التفاصيل عن بداياتها وروتينها التدريبي وأهدافها وشعارها في الحياة وحياتها بعد التنس.
بدأت رحلتها مع التنس في سن مبكرة جدًا، وقد كان إيمان والديها بموهبتها هو الذي دفعها إلى الاحتراف، فتقول ميار لـ ELLE: “كان والداي يؤمنان بي دائمًا، وكانا يريدان أن أصبح محترفة منذ البداية، أعتقد أنني عندما كنت في الخامسة عشر أدركنا أنني ربما يكون لدي شيء مميز. وأعتقد أنه من هنا بدأ كل شيء يتغير.”
لقد حطمت ميار العديد من الأرقام القياسية لرياضة التنس المصرية، أبرزها الفوز ببطولة إميليا رومانيا المفتوحة 2022، وستة ألقاب فردية في بطولة ألمانيا الدولية للتنس (WTA 125) وكذلك وصلت إلى المركز 31 في تصنيف رابطة محترفات التنس في يونيو 2023؛ وكل هذا يُعتبر انتصارات عظيمة لدرجة أنها تعد أفضل الإنجازات في تاريخ التنس المصري.
لكن تحطيم الأرقام القياسية ليس بالأمر السهل؛ فتتدرب ميار ستة أيام في الأسبوع، وروتين التمرين الخاص بها مكثف كما هو متوقع، تقول: “جدول التدريب الخاص بي عادة ما يكون يومًا كاملاً، وعندما لا يكون كذلك، يكون السبب هو شدة التعب بسبب صعوبة التدريب طوال الأسبوع. عادة ما يكون تدريب التنس في الصباح لمدة 3 ساعات. وبعد الظهر أقوم بتدريبات اللياقة البدنية لمدة ساعتين؛ أي 4-5 ساعات في المتوسط كل يوم، ويوم إجازة للراحة.”
تقول شريف إن السر هو التحضير، فهي تقسم روتينها إلى لياقة عقلية وجسدية، فتستغرق اللاعبة وقتًا قبل كل مباراة لتدوين كل ما عليها أن تتذكره وتفعله، “أتخيل المكان وأراجع كيف يلعب خصمي”، وتضيف: “ثم هناك التحضير البدني. أستعد أنا ومدرب اللياقة البدنية الخاص بي ببعض تمارين الرشاقة، وبعض الحركة، ثم التنسيق بين الحركة والعين.”
تحافظ شريف على مساحتها العقلية صافية وإيجابية، وعندما سُئلت عن شعورها حيال التنافس مع مجموعة من أفضل 10 لاعبات تنس في العالم، أجابت أن الأمر كله يتعلق بالإرادة والإيمان؛ “في المرة الأولى التي تغلبت فيها على ماريا سكاري (المصنفة رقم 11 في تصنيف اتحاد لاعبات التنس المحترفات) أردت حقًا الفوز بأول بطولة لاتحاد لاعبات التنس المحترفات. كنت أعلم أنه شيء عظيم لمصر والتنس في مصر والعالم العربي أيضًا وكنت أرغب حقًا في تحقيق هذا الفوز.”
سألناها أيضًا عن التنافس بين اللاعبين وقالت: “في حقيقة الأمر ليست لدي منافسات، أعتقد أننا جميعًا نتنافس، وأعتقد أن الجميع يمثلون خطرًا بالنسبة لي. يمكنني التغلب على أي شخص ويمكن أن أخسر أمام أي شخص. هذه هي العقلية التي أذهب بها إلى الملعب.”
بالطبع؛ لا نصر يأتي بدون ثمن. وبالنسبة لميار هذا الثمن يتمثل في الإصابات؛ فتقول: “أعتقد أن أسوأ مرة أصبت فيها كانت منذ عامين في بطولة فرنسا المفتوحة. كسرت قدمي وأنا ألعب المباراة الأولى، وكان هناك العديد من المصريين الذين قدموا من مصر لمشاهدة هذه المباراة، وكنت في أفضل حالاتي على الإطلاق، وفزت بتلك المباراة، لكنني أصبت بكسر في القدم في منتصف المباراة. وبينما كنت أخرج من الملعب، عرفت أنني لن أستطيع العودة إليه ولعب الدور الثاني. لقد كانت فرصة عظيمة بالنسبة لي، خاصة وأنني كنت قد هزمت اللاعبة التي كان من المفترض أن أواجهها في الدور الثاني من قبل. كنت متحمسة بشدة ولدي كثير من العزم والتصميم على الفوز، لذلك كان الأمر مؤلمًا للغاية، سواء بالنسبة لي شخصيًا أو لمسيرتي المهنية.”
وتمتد قناعة الاعبة بالمَثل (نصف الكوب المملوء) الذي تتبناه حتى إلى خسائرها؛ “بالطبع هناك خسائر تؤلمني كثيرًا، لكنني لا أبكي على اللبن المسكوب لفترة طويلة. فلاعب التنس عليه مواصلة مسيرته. وعليه أن يتقبل أنه يمكنه الخسارة ويمكنه الفوز. وعندما يخسر يجب أن يعرف من خلال خسارته كل ما عليه تحسينه والعمل عليه، ويستفيد منه في المباراة التالية.”
وشاركت معنا اللاعبة العديد من اللحظات العظيمة التي لا تُنسى في حياتها، “من أبرز أحداث مسيرتي التأهل لأولمبياد طوكيو والوصول إلى ربع النهائي في مدريد.”
أما عن حياتها بعد التنس؛ تأمل ميار أن تكون قادرة على مساعدة اللاعبين المصريين الشباب ليكونوا من أفضل اللاعبين الدوليين، “أعتقد أن لدينا مواهب رائعة يملكون إمكانات هائلة، لكن لم يتم الاستفادة منها بالكامل بعد. أعتقد أنني قد أبدأ حتى قبل انتهاء مسيرتي، وسأتولى الأمر بعد نهاية مسيرتي أيضًا. أتمنى أن أنشىء جيلًا جديدًا من المصريين أو العرب أو الأفارقة ليكونوا أفضل اللاعبين على مستوى العالم.”
ونحن لا نطيق الانتظار لتشجيع ميار في بطولاتها القادمة، وأبرزها بطولتي فرنسا المفتوحة ومدريد المفتوحة .